أجرت صحيفة النهار الكويتية لقاءً مع رئيس إئتلاف النصر الدكتور حيدر العبادي، بتاريخ 24 كانون الثاني 2021، تناول محاور عديدة منها الإنتخابات المقبلة والسابقة، خفض قيمة الدينار العراقي، الوضع السياسي الحالي، وتسلم بايدن رئاسة الولايات المتحدة.
وهذا نص الحوار:
أكد رئيس ائتلاف «النصر» ورئيس وزراء العراق الأسبق، د. حيدر العبادي، ان ازمات الدولة اليوم ازمات وجودية، لكن لا حلول دون ارادة حكم قوية وحكيمة وحازمة، مشيراً إلى اننا نعيش مرحلة انتقالية انتجتها معادلة حكم 2018 الكارثية، التي قامت على نتائج انتخابات غير نزيهة، وانتهت بسقوط مدوي على اثر انتفاضة تشرين الاول/ اكتوبر عام 2019، واوصلتنا إلى نفق مدمر.
وقال العبادي في حوار موسع مع «النهار»، ان «الوضع السياسي اليوم بأخطر مراحله بفعل الازمات والانهيارات وصراع الارادات والمصالح واختلاف اجندات القوى السياسية، والفشل بالخروج الآمن والشرعي من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الدائمة سيعرض النظام السياسي برمته إلى الخطر، وهي مهمة جميع قوى الدولة»، مؤكداً ان «معادلة حكم 2018 اعادت العراق لمربع الانحياز، وغدا العراق ساحة مكشوفة لصراع المحاور، ورغم محاولات الحكومة الحالية اعادة التوازن الا انها ما زالت لم تحدث اختراقا نوعيا يجنب العراق كوارث الانحياز».
وفيما يخص الانتخابات، شدد العبادي على اننا «اكدنا اهمية الاحتكام إلى معايير النزاهة والعدالة الانتخابية لضمان تحقيق تمثيل صادق لارادة الشعب، وحذرنا من مقاطعة الشعب وقوى سياسية مهمة فيما لو تم اعادة سيناريو انتخابات 2018، وندعو اليوم مجددا لاحترام قواعد العملية الانتخابية وتوفير ضمانات ملموسة لنزاهتها».
وعلى هامش تنصيب جو بايدن رئيساً لأميركا وتسلمه الرئاسة، اكد العبادي في حواره مع «النهار»، ان «عهد الرئيس الاميركي الاسبق بارك اوباما تم اعتماد استراتيجية «الشرق الاوسط الكبير» وكانت على حساب العراق بجزء منها، وبعهد ترامب تم اعتماد استراتيجية «صفقة القرن» وكانت ايضا على حساب العراق بجزء منها، ما نريده هو تحييد العراق بصراع المحاور والاستراتيجيات، وعلى الحكم في العراق ان يعي خطورة المرحلة، والتسلح بالارادة والحكمة والقوة للحفاظ على المصالح العراقية».
واكد العبادي انه «لم تكن معركة التحرير ضد الارهاب معركة بندقية وحسب، هي ايضا معارك اقتصاد ومخابرات وسياسة وثقافة وتوازنات محلية اقليمية دولية»، مشيراً إلى انه «كسبت القيادة والشعب والمقاتلون التحدي، وتعاملنا مع تحديات المعارك والضغوط بكل حكمة ومناورة وعزم، وسحقنا اخيرا مشروع داعش، وحررنا الانسان والارض».
ورأى العبادي ان «هناك فرصا كبيرة لتطوير العلاقات العراقية الكويتية»، داعياً لجعل التكامل الاقتصادي قاعدة لتطوير العلاقات، معرباً عن امله ان «تشهد قفزة بالعلاقات الثنائية بما يؤسس لشراكات اقتصادية تنموية مشتركة»..
فيما يلي تفاصيل الحوار:
*بداية، الحمد لله على سلامتك لتعافيك من «كورونا».. الكثير من المواطنين يتساءلون اليوم كيف نجحت بادارة البلد في ظل ازمة مالية جراء انخفاض اسعار النفط والحرب على تنظيم «داعش» الارهابي التكفيري؟
-شكرا لكم، ودعائي بالسلامة والخير للجميع.. نعم، ورثت دولة على وشك الانهيار التام بفعل الارهاب والافلاس والطائفية والاستلاب الخارجي، واستطعنا بفضل الله ثم همة الشعب كسب التحدي، وسلمنا الدولة عام 2018 وهي موحدة ومحررة وواعدة، وبفائض مالي 14 مليار دولار، لقد كانت ركائز سياستي هي: الحكم الفعال، تحويل التحديات إلى فرص، الثقة بالحكم مورد جاذب، التخطيط الناعم لتحقيق اهداف خشنة، الهيكلة المستمرة للمؤسسات والأداء، تحديد الأولويات وفق سلم التحدي والامكانات والفرص، الضغط المستمر على الهدر والفساد والترهل، والتوازن بادارة الحكم وموقع الدولة بالصراعات الداخلية الخارجية.
قضية ان يستطيع الحاكم أو لا يستطيع بمواجهة التحديات، متصلة بكفاءته على مستوى الرؤية والارادة والحكمة.. والأدوات.
*الحكومة الحالية عملت على رفع سعر الدولار امام الدينار، كيف تقرأ تأثير هذه السياسة على المواطنين؟
-الحكومة ذهبت إلى الخيارات السهلة، خفض قيمة الدينار واعتماد سياسة الاقتراض، وقد عارضنا ذلك، وقلنا بأن المواطن هو الضحية، وأن هذه السياسة ستقود البلد إلى الانهيار المالي الاقتصادي، وهناك العديد من الحلول، بعضها صعب لكنه مطلوب، وبعضها يحتاج الوقوف ضد مصالح بعض قوى الدولة ومنظومات المحاصصة والفساد.
*هل لديك وصفة لمساعدة الحكومة في ايجاد حلول للأزمات التي تعاني منها البلاد؟
-ازمات الدولة اليوم ازمات وجودية، ووصفات الحلول على تنوعها موجودة، لكن لا حلول دون ارادة حكم قوية وحكيمة وحازمة، فالارادة رافعة، ورافعة الدولة هي السلطات، وتحيا الدولة أو تموت بارادة القرار والمتابعة.
أخطر المراحل
*أين نحن اليوم؟
-نعيش مرحلة انتقالية انتجتها معادلة حكم 2018 الكارثية، التي قامت على نتائج انتخابات غير نزيهة، وانتهت بسقوط مدوٍ على اثر انتفاضة تشرين الاول/ اكتوبر عام 2019، وأوصلتنا إلى نفق مدمر، والوضع السياسي اليوم بأخطر مراحله بفعل الأزمات والانهيارات وصراع الارادات والمصالح واختلاف اجندات القوى السياسية، والفشل بالخروج الآمن والشرعي من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الدائمة سيعرض النظام السياسي برمته إلى الخطر، وهي مهمة جميع قوى الدولة.
*ما تقييمك لأداء الحكومة الحالية؟ وما ابرز ملاحظاتك عليها؟
-لم تحدث اختراقا بنوع ادائها، وتعتمد الحلول السهلة والتوافقية باقرار السياسات، ولم تنجز بعد مهامها الانتقالية، وتفتقد لقوة القرار ووضوح السياسة، ونحن ساندناها ونساندها بقدر تحقيقها لمهامها الانتقالية بتجرد وقوة ومهنية.
*ما رأيك في سياسة العراق الخارجية؟
-معادلة حكم 2018 اعادت العراق إلى مربع الانحياز، وغدا العراق ساحة مكشوفة لصراع المحاور، ورغم محاولات الحكومة الحالية اعادة التوازن الا انها ما زالت لم تحدث اختراقا نوعيا يجنب العراق كوارث الانحياز، وامام الحكومة خطوات اكثر جرأة وشجاعة وتستطيع اعادة التوازن لموقع العراق ليكون مركزا اقليميا قويا وجاذبا.
مفترق طرق
*هل تتوقع عزوفاً جماهيرياً عن الانتخابات المقبلة في ظل الجدل الدائر حول موعدها؟
-نحن اول من طالب بانتخابات مبكرة للخروج من الأزمة، ورفضنا تأجيلها، وأكدنا اهمية الاحتكام إلى معايير النزاهة والعدالة الانتخابية لضمان تحقيق تمثيل صادق لارادة الشعب، وحذرنا من مقاطعة الشعب وقوى سياسية مهمة فيما لو اعيد سيناريو انتخابات 2018، وندعو اليوم مجددا لاحترام قواعد العملية الانتخابية وتوفير ضمانات ملموسة لنزاهتها. ومشاركة الجمهور الواسعة مطلبنا، ونعمل عليه، وعلى الحكومة والبرلمان ومفوضية الانتخابات وبعثة الأمم المتحدة في العراق تأكيد جديتها اكثر باجراء انتخابات عادلة، فلا يمكن التكهن بمديات التداعي للنظام السياسي لو تكرر سيناريو 2018.
*«ائتلاف النصر» لم يحقق النتائج المرجوة في انتخابات 2018.. كيف تستعدون لانتخابات 2021؟
-لا اريد العودة إلى اجواء انتخابات 2018 فهي معروفة للجميع، اقول فقط: ان نتائجها لم تعكس ارادة الناخب، انها نتائج جاءت بها المقاطعة والتزوير وفرض الارادات، وكان الأولى الغاء النتائج، الا ان مصالح البلاد العليا حالت دون ذلك.
«ائتلاف النصر» تحول من قائمة انتخابية عام 2018 إلى مشروع وطني لانقاذ الدولة، وبهذا المشروع سيدخل الانتخابات، ونتوقع تفاعلا جماهيريا معنا ومع تجربتنا بالحكم ورؤانا وسياساتنا القادمة، شعارنا «الدولة اولا» ومشروعنا انقاذ الدولة من التقسيم والطائفية الافلاس والفوضى والاستلاب.. نحن على قدر هذه المهمة التاريخية.
إنقاذ الدولة
*ما شروطكم للتحالف مع الكتل المنافسة؟ وهل تطمحون إلى ولاية جديدة لرئاسة الوزراء؟
-الأغلب اننا سنخوض الانتخابات دون تحالفات، ونأمل ايضاً في اطار سياسي لقوى الاعتدال لتبني مشروع انقاذ للدولة، مع الحفاظ على خصوصية كل قائمة انتخابية، والعبادي كان وما زال بخدمة مشروع الدولة، وسيعمل مع الخيرين لقيادتها من مختلف المواقع.
*في البيت الأبيض رئيس جديد، كيف تتوقعون ادارة جو بايدن لملفي العراق والشرق الأوسط؟
-اميركا دولة مؤسسات، وهي تبحث عن مصالحها، والأهم تحديد المصالح العراقية والدفاع عنها امام اي دولة، لست متفائلاً بأي تغيير، والأخطر ان يتم اعتماد اتفاقات على حساب المصالح العراقية، في عهد الرئيس الاسبق باراك اوباما تم اعتماد استراتيجية «الشرق الأوسط الكبير» وكانت على حساب العراق بجزء منها، وبعهد ترامب تم اعتماد استراتيجية «صفقة القرن» وكانت ايضا على حساب العراق بجزء منها، ما نريده هو تحييد العراق عن صراع المحاور، وعلى الحكم في العراق ان يعي خطورة المرحلة، والتسلح بالارادة والحكمة والقوة للحفاظ على المصالح العراقية.
*هل السيد العبادي متفائل باستقرار نسبي في المنطقة بعد رحيل ادارة ترامب والتوتر الأميركي - الايراني؟
-الاستقرار هدف العقلاء ومحبي الامن والسلام والتنمية، وهذا هدفنا وما نعمل عليه، لكن لو كان الاستقرار على حساب العراق وشعبه ومصالحه، فلا اهلا به، وسنكافح للدفاع عن مصالحنا.
*أحيا العراق الذكرى الثالثة للنصر على «داعش» ويحسب لكم قيادة المعركة..حبذا لو حدثتنا عن حجم التحديات والضغوط التي واجهتها؟
-لقد كانت المعارك ضد «داعش» كل حياتي، وكنت اخوضها كمعركة وجود، لذلك لم اكن اميز فيها بين خنادق القتال وقيادة العمليات وغرف السياسة، لم تكن معركة التحرير ضد الارهاب معركة بندقية وحسب، هي ايضا معارك اقتصاد ومخابرات وسياسة وثقافة وتوازنات محلية اقلييمية دولية، ومن هنا عليك ان تدرك حجم الضغوط التي تعاملنا معها بادارة الحرب. وأقولها بثقة، لقد كسبت القيادة والشعب والمقاتلون التحدي، وتعاملنا مع تحديات المعارك والضغوط بكل حكمة ومناورة وعزم، وسحقنا اخيرا مشروع «داعش» وحررنا الانسان والأرض.
أما المواقف الصعبة فهي كثيرة، ولعل اصعبها كان قرار تحرير الموصل الحبيبة، لرمزيتها بالمعركة، ولتعقيد جغرافيتها العسكرية والجيوسياسية. لكن ثق، استطعنا تحويل التحدي إلى فرص نجاح ووحدة وتضامن وطني.
*لماذا لم يصاحب النصر العسكري نصرا فكريا؟
-انتصارنا على داعش كان انتصارا لبقاء الدولة ووحدة شعبها واعادة مكانتها السيادية بين الأمم، كانت لدينا «حزم تحرير» متكاملة بعد تحرير الأرض والانسان من «داعش»، ومنها اجتثاث منظومة الفكر والثقافة الداعشية وعموم الفكر التكفيري والطائفي والعنفي، لقد اعتمدنا حزم تحرير للعقل والتربية والتعليم والثقافة بما يضمن اعادة انتاج قيم المواطنة والتعايش والسلام المجتمعي.. الا اننا غادرنا سدة الحكم.
*ماذا عن مذكراتك.. ومتى ستنشر؟
-مذكراتي قيد الاعداد، ولن يطول زمن ولادتها، وفي الحقيقة هي مذكرات معركة وطن،.. استشعر انها ليست ملكي، بل ملك الشعب الذي سطر اروع الملاحم لسحق الارهاب واسقاط مشروع الظلام الذي اوشك على ابتلاع المنطقة وتغيير اتجاهات التاريخ.
التكامل الاقتصادي
*العلاقات العراقية - الكويتية أين وصلت؟.. وكيف السبيل إلى الارتقاء بها لمستويات ارحب؟
-العلاقات العراقية - الكويتية تتسم بالايجابية والتطور المستمر، وفي هذا السياق جاءت مبادرة الكويت لعقد مؤتمر «اعمار العراق» عام 2018، والذي كنا نعول عليه كثيرا لاعادة الاستقرار والبناء لمدننا المحررة من الارهاب.
هناك فرص كبيرة لتطوير علاقتنا الثنائية، وادعو لجعل التكامل الاقتصادي قاعدة لتطوير العلاقات، وأملي ان نشهد قفزة بالعلاقات الثنائية بما يؤسس لشراكات اقتصادية تنموية مشتركة. علينا اعطاء حتمية المصير المشترك استحقاقه بالرؤى والتخطيط والسياسة لجميع دول المنطقة. فما يؤثر على العراق يؤثر على دول المنطقة، وهكذا.
المغامرات والحروب وصراع المحاور دمرت الشعوب ونالت من سيادة الدول، تحتاج المنطقة إلى مبادرات تاريخية تؤسس للتكامل والامن والسلام والرخاء.
http://www.annaharkw.com/Article.aspx?id=894407&date=02122020